recent
أخبار ساخنة

المفهوم



مقدمـــة:

               لا شك أن المتعلم أثناء مروره بمراحل التعلم في الحياة الأسرية و المدرسة تعترضه مشاكل في تشكل المفاهيم و هي كثيرة بكثرة عواملها الذاتية و الموضوعية     و سنقتصر في هذه المداخلة على تأثير العوامل الذاتية (الداخلية) و الموضوعية (الخارجية) في معالجة تشكل المفهوم عند المتعلم نظرا لأهميتها الكبرى في حياته.


1/ مفهوم المفهوم:

1-      هو تمثيل رمزي يتشكل من الخصائص المشتركة بين مجموعة من الأشياء العينية.

2-      هو تمثيل ذهني عام للسمات المشتركة و الثابتة بين فئات الموضوعات القابلة للملاحظة و الذي يمكن تعميمه على كل موضوع يمتلك نفس السمات (Legender R.88).

3-      المفاهيم معان مرتبطة بأسماء و رموز و أفكار حول الظواهر الطبيعية

(Popper K62)      .


2/ خصائص المفهوم:

1-    التجريد: هو الانتقال من المحسوس إلى المفهوم.

2-    التعميم: هو عملية جمع خصائص مشتركة بين موضوعات داخل مفهوم واحد و سحبها على فئة لا متناهية من الموضوعات الممكنة المشابهة لها

 (Calisson R.76).

3-    الأبعاد: لها بعدان نظري و تطبيقي لأنه يشير إلى موضوعات واقعية.

4-    المفاهيم تشكل قاعدة ضرورية للسلوك المعرض الأكثر تعقيدا كالمبادئ و التفكير و حل المشكلات.

5-    المفاهيم تكون لغة العلم.

3/ أنواع المفاهيم:

   اختلف الباحثون و الدارسون المهتمون بمشكلة تشكل المفهوم في تحديدها باختلاف و تعدد تخصصاتهم.


3-1/ انقسام المفاهيم للدراسات العلمية:

1-      المفاهيم التصنيفية: أي إدماج موضوعات في صنف موحد مثل الفطريات و الثدييات – النثر – الشعر

2-      المفاهيم المقارنة: أي المقارنة بين الأشياء أو الوقائع.

3-      المفاهيم الكمية و النوعية: فهنا لا خصائص كمية مثل السرعة – الطول، الوزن و النوعية مثل القبح و الجمال...).

4-      المفاهيم النظرية: تبدو على قدر كبير من التجريد و تكون غير إجرائية مثل (الذكاء، التخيل).


3-2/ انقسام المفاهيم للدراسات الاجتماعية:

1-    المفاهيم المادية المحسوسة كمفهوم الجبل، الهضبة، الجزيرة، البركان، أنواع التربة و الحيوانات....و الطريقة الأنسب لتدريسها هي الطريقة الاستقرائية أي من الخاص إلى العام و من الجزء إلى الكل.

2-    المفاهيم المجردة و المعنوية كمفهوم الحرية، المسؤولية، العدالة، الديمقراطية، التعصب.....

و الطريقة الاستنتاجية هي الأنسب لتدريس هذه المفاهيم أي من العام إلى الخاص و من الكل إلى الجزء.



4/ العوامل المؤثرة في تشكل المفهوم:

               نظرا لحداثة البحث في موضوع تشكل المفهوم و التداخل بين تشكل المفهوم و التخلف العقلي من جهة، و بين تشكل المفهوم و الاضطرابات السلوكية الانفعالية من جهة أخرى، فإن العوامل المسببة لتشكل المفهوم لا زالت غير واضحة تماما و تحتاج إلى مزيد من الدراسة و التأكيد، و مع ذلك يمكن التطرق إلى عوامل ذاتية و أخرى موضوعية.

       فما هي العوامل الذاتية المسببة في تشكل المفهوم؟

       و ما هي العوامل الموضوعية المسببة في تشكل المفهوم؟


4-1/ العوامل الذاتية:

               يتأثر تشكل المفهوم بعدد من العوامل الهامة و نتناول فيما يلي أهم العوامل الذاتية ذات العلاقة بمهام تشكل المفهوم و هي:


4-1-1/ التصــــور:

- كل عملية تفكير مطبقة على موضوع، و هي بصفة عامة عملية فهم تقابل عملية التخيل.

و قد يكون التصور إما إعادة إنتاج و إما عملية إبداع و هو كذلك عملية بناء مفهوم (Lalande A.72).

- خطوة أولى من خطوات الإعداد و التخطيط تقوم على التفسير في نسق كلي منسجم مع المكونات و العناصر و تتبعها غالبا عمليات التنظيم و التجريب و التقويم، و يكون هذا النسق في شكل خطة أو مشروع مثل تصور درس.

- المفاهيم الفلسفية مفاهيم غامضة أي مفاهيم غبر قابلة للتحديد الدقيق و الصارم داخل شبكة من العلاقات أنها مفاهيم مرتبطة بالتجربة الإنسانية في بعدها الكلي، و يتم إنتاجها عن طريق الوصف لا عن طريق البناء، إنها مفاهيم واصفة لصور و تمثيلات صادرة عن الوعي.


4-1-2/ السلـــوك:

         إن سلوك الإنسان هو حوصلة التفاعل بين عوامل البيئة و عوامل الوراثة إذ الإنسان صنيع الوراثة و البيئة، فالتصرف يتحكم فيه قواه البيولوجية و حاجاته و أيضا عادات و قيم المجتمع فأيهما له دور في التحكم في السلوك – كلاهما:

·       لون العينين و ه\ذا يعني الوراثة.

·       لون الألبسة و هذا يعني البيئة.

فالتحكم لدى الإنسان ظاهرة بالغة التعقيد و الصعوبة و لذلك فهو لا يستجيب لكل مثير أو وضع استجابة خاصة.

و الإنسان لا يخضع للتعامل مع البيئة بهذه الطريقة لأنه يمتلك القدرة على التعميم لما تعلمه في أوضاع جزئية و لولا هذه القدرة لاستحال عليه نعلم المفاهيم و التي تصاغ في متاهات الجزئيات اللامنتهية التي تنطوي عليه بيئته.

4-1-3/ الدافعيــــة:

               استعداد داخلي يثير السلوك و يوجهه نحو هدف أو غاية مثل:

أ- حب الاستطلاع و الاستكشاف و التناول و التداول للأشياء و بالتالي يراعي في إشباعها إشباع حاجاته، كالأنشطة المدرسية تعود الطفل على بذل المجهود و الاستكشاف و المعالجة للأشياء و تجنب التلقين السلبي و الحفظ.

       و اللعب من مظاهر حاجات الانتباه، فاللعب نشاط تلقائي عام تكمن أهميته في مساهمته في النمو الحسي و الارتقاء الاجتماعي لدى الطفل و القدرة على الحكم الأخلاقي و إتاحة فرص تناول الأشياء و المواد من البيئة و معالجتها بأيديهم.

ب- الحاجة للإنجاز و يكون الدافع هو الخوف من الفشل و هذا بسبب هبوط قيمة الصورة العامة و تضاءل تقدير الذات و فقدان صور الجزاء الحسن نتيجة فقر الانجاز.

ج- مستوى الطموح و هي المعايير الذاتية التي نحددها بناءا على ما يمكن أن نقدم لمن أنجز في ضوء خبراتنا السابقة و ما نتلقاه من نصائح الآخرين و هي تعتمد أساسا على مستوى أدائنا فمثلا إتاحة فرص مواجهة التحدي للأطفال يؤدي إلى تحسن مهاراتهم أكثر من غيرهم.


4-1-4/ الإدراك:

أ- نوع الوسط الذي يعيش فيه بحيث أثبتت الكثير من الدراسات أنه إذا كان المجال الإدراكي للعمل سارا و جذابا أدى ذلك إلى شعور العامل بسعادة أكبر، و بالتالي يؤدي إلى تحسن في الإنتاج.

ب- حاجات الفرد في التي يريد إشباعها لأننا لا ندرك الأشياء كما هي عليه في الواقع و لكن ندركها من خلال أنفسنا وفق أهوائنا و ذلك بحسب رغباتنا و ميولنا و حالتنا المزاجية.

ج- الثواب و العقاب: إذ الثواب و العقاب يعدل من إدراكنا للبيئة المحيطة بنا.

د- الخبرة السابقة "التهيؤ الذهني": هي جميع ما لدى الإنسان في موضوع المحسوسات من تجارب ماضية و التي قد تساعد الفرد على توقع المعاني التي قد تحملها المثيرات على المواقف المستقبلة، مثل شخص يرى كأس شاي يتصاعد منه البخار فيدرك أنه ساخن دون أن يلمسه و يرى كأس آخر من الثلاجة فيدرك أنه بارد دون ذوقه....الخ.

هـ- القيم التي يؤمن بها الفرد فنحن نرى الأشياء التي لها قيمة عندما تكون الصورة أكبر من حجمها الحقيقي. فكلما كانت لنا رغبة في شيء كبر حجمه بالنسبة لنا أما الأشياء الأخرى فقد تمر علينا و لا نكاد نراها لأننا لا نرغب فيها، معنى ذلك أن كل فرد منا له قيمة و مثله العليا التي يؤمن بها هي التي تحدد سلوكه و مجاله الإدراكي.

و- أثر الانفعالات النفسية: و هي تلعب دور في التأثير على الإدراك فتجعل الفرد يرى الأشياء بطريقة تتفق مع الحالة الإنفعالية التي هو عليها.

ي- الضغوط الإجنتماعية و أثرها في الإدراك: و قد ظهر الاهتمام بتأثير المثيرات الخارجية على نمو الإدراك.


4-2/ العوامل الموضوعية:

4-2-1/ أنماط التعلـــم:

تمكن المتعلم من أنماط التعلم السابقة في الشكل الهرمي "جانييه" و هو نموذج التدريس قام على المجتمع بين أكبر مدرستين:

-       المدرسة الجستالطية (الإدراك الكلي).

-       المدرسة السلوكية (مثير و استجابة).


و قدم تحليلا دقيقا لعملية التعليم الأساسية و العوامل المؤثرة فيه و تضمنت 8 أنماط تعليمية متدرجة من أبسطها إلى أعقدها.



4-2-2/ عامل الزمــن:

         يتطلب تعلم الكثير من المفاهيم فترات زمنية طويلة حتى يستقل فيها المفهوم تدريجيا من حالة الغموض إلى حالة الوضوح، بحيث يصبح قابلا للتمييز و التحديد، فلابد أن يمتلك المتعلم مجموعة من المفاهيم المتباينة من حيث درجة الوضوح أو التجديد كمفهوم الحرية، العدالة، المسؤولية و هي أكثر عموما من مفهوم الكتاب، القلم، الكراس.

 4-2-3/ المثال و اللامثــال:

         لا يمكن تعلن مفهوم البياض مجرد عرض ورقة بيضاء لأن المتعلم قد يستجيب لشكل الورقة و حجمها. لذلك وجب عرض مجموعة أشياء أخرى تحمل صفة البياض – قطعة قماش – قطعة كلس – قطعة سكر – كمية من القطن.

فعندما يكرر كلمة أبيض يرى هذه الأشياء فهل هذا يشكل دليلا على تعلم المفهوم.

الجواب: كلا.

إذن لابد من إجراءات إضافية للتأكد من امتلاكه المفهوم:

-       عرض أمثلة عن المفهوم، ماهية لمفهوم البياض

-       عرض مجموعة أخرى جديدة تشكل اللاأمثلة لبيان مدى قدرة المتعلم على استثنائها.

          إن القدرة على التمييز بين المثال و اللامثال يمكننا الاستدلال على تعلم مفهوم البياض في حالة ممارسة تعليم المفهوم على نحو عملي، يجب أن يتضمن ىالوضع التعليمي للأمثلة و اللاأمثلة على حد سواء حتى يبدو المفهوم اكثر وضوحا و رقة مثال:

-       دائرة كبيرة و صغيرة حمراء.

-       دائرة كبيرة و صغيرة خضراء.

-       مربع كبير و صغير أحمر

-       مربع كبير و صغير أخضر.

·       فإذا اختار المتعلم المربع كبعد علائقي تكون جميع المربعات أمثلة عن مفهوم الإيجابية و الدوائر شواهد سلبية.
·      و إذا اختار الأخضر كبعد علائقي تكون المثيرات الخضراء كلها أمثلة عن المفهوم و الحمراء اللاأمثلة.


4-2-4/ الصفات العلائقية و اللاعلائقية:

         يجب على المتعلم أن يوجه انتباها إلى الصفات العلائقية و أن يتجاهل الصفات اللاعلائقية. و هي تحدث أثرا في تشكل المفهوم إذا كانت متعددة و متنوعة و متباينة و كلما ازدادت صفات اللاعلائقية كان تشكل المفهوم أكثر صعوبة لأم وفرة هذه الصفات تجعل اكتشاف الصفات العلائقية و تميزها أمرا ليس سهلا بالنسبة للمتعلم و كلما ازدادات الصفات العلائقية كان تعلم المفهوم أسرع و أسهل لأن ازديادها يعني ازدياد القرائن الدالة على المفهوم الأمر الذي يزيد احتمال فقدرة المتعلم على اكتشاف واحدة منها أو أكثر بسرعة و سهولة. و لعلى هذا هو السبب الذي يدفع المعلمين على تكرار شرح بعض المفاهيم بألفاظ أو تعبيرات أو تركيبات متعددة لكي يتمكن المتعلم من التعرف على أكبر كمية ممكنة من القرائن الدالة على المفهوم.


4-2-5/ التغذية الراجعة:

               تشير التغذية الراجعة عموما إلى المعلومات التي يتلقاها المتعلم بعد الأداء و التي تمكنه من معرفة مدى صحة استجابته للمهمة  التعليمية، فقد تقوم التغذية الراجعة في مستوى معين من مستوياتها مقام التعزيز في التعلم الإجرائي عندما تكون استجابة المتعلم صحيحة حيث تزيد من قدرته على أداء مثل هذه الاستجابة لذلك تتيح التغذية الراجعة فرصة استفادة المتعلم للمعلومات التي توفرها و ربطها بصفات المثير المختلفة موضوع الاهتمام.

إن مجرد تزويد المتعلم بكلمة "صح" أو "خطأ" لا تكفي لتعلم المفهوم ما لم ينتبه، و على نحو تزامني من المعلومات التي يتلقاها و إلى صفات الأمثلة أو المثيرات الماثلة أمامه أي يجب على المتعلم أن يلاحظ و يتذكر و يقارن بين كل محاولة و أخرى لكي تسهل التغذية تشكل المفهوم. إذا حتى تكون التغذية الراجعة فعالة يجب تزويد المتعلم بمعلومات خاصة بالصفات العلائقية و اللاعلائقية للمفهوم بعد كل استجابة يقوم بها و عدم الاكتفاء بتزويدهم بكلمتي "صح" و"خطأ".


خلاصـــــة:

إن طرائق التفكير عند المتعلم تتغير و تتطور مع النمو و الخبرة لذا وجب:

- ضرورة الانتقال في عملية التعليم و التعلم من المحسوس إلى شبه المحسوس إلى المجرد.

- توظيف الوسائل السمعية البصرية في كل مراحل التعليم خاصة منها الدنيا.

- التعلم عن طريق الاكتشاف.

- تعلم اللغة دور أساسي في عملية تشكل المفهوم.

- ربط محتوى التعليم بالواقع ليكون ذو معنى.

- إنطلاق عملية التعليم و لتعلم من المألوف إلى الغريب و من القريب الملموس إلى البعيد المجرد. (مساحة المحيط الأطلسي كمثال).

- إعداد إختبار القدرة على التصنيف و هي تصنيف الأمثلة الجديدة إلى أمثلة منتمية ثم إلى أمثلة غير منتمية للمفهوم و ذلك عن طريق:

              1- أسئلة الخطأ و الصواب.

              2- المقابلة.

3- الجواب القصير.

4- المقال القصير.

- تقديم الوسائل التعليمية المتعددة المساعدة على تعلم المفهوم.

- تحديد الأهداف التعليمية و صياغتها نصف أداء التعلم.

- تمكن المتعلم من أنماط التعلم السابقة (الهرم).

- تعرف قدرات المتعلم.

- توفر عنصر الدافعية و الرغبة....الخ.

- تقديم عدد كاف من الأمثلة و اللأأمثلة عن المفهوم و التمييز بينها.

- عرض أمثلة منتمية و أمثلة غير منتمية.

- عرض مثيرات موجبة.

- تحديد الخصائص المميزة للمفهوم.

- تقديم التعزيز المناسب لاستجابات المتعلمين.

- تقديم التغذية الرجعية.


المراجـــع:

1-    د/جابر عبد الحميد جابر – سيكولوجية التعلم و نظريات التعليم- دار الكتاب الحديث للكويت.

2-  د/فؤاد سليمان قلادة – استراتيجيات و طرائق التدريس و النماذج التدريسية – دار المعرفة الجامعية – 1998.

3-  د/ جودت أحمد سعادة و أ/جمال يعقوب اليوسف – تدريس مفاهيم اللغة العربية و الرياضيات و العلوم و التربية الإجتماعية –دار الجيل بيروت– الطبعة الأولى-1988.

4-    د/محي الدين توق و د/عبد الرحمن عدس-أساسيات علم النفس التربوي-1984.

google-playkhamsatmostaqltradent