مقاربة نص من الكتاب المدرسي
المدخل
النظري:
إن الشروع في إصلاح طرائق التعليم ضرورة
فرضتها التطورات الحاصلة في جميع ميادين الفكر، الإجتماع
و الإتصال ...
مع أننا قمنا بمحاولة النهوض بالقطاع
التربوي لسنوات عدة , ولم نقيم مردودها تقييما علميا لنبني عليه المرحلة الجديدة .
فبالتجربة والمعاينة عرف تعليم اللغة
جملة من المشكلات المعيقة لتعليم اللغة العربية وآدابها منها بالأساس :
1- غياب التكوين الشامل للمكونين (
الأساتذة ) الذي يرتكز على المعارف التي تخدم النص:
أ
–
تاريخ اللغة العربية ومكوناته الفكرية والثقافية.
ب – الإطلاع على المناهج المعاصرة وما
استجد من تطبيقاتها
جـ - التشبع بالثقافة اللسانية ومدارسها
وتطبيقاتها .
د – المعرفة بعلم النفس العام الذي يتيح
إدراك الظواهر النفسية ومن ثمة تمظهرها الإجتماعي.
2-ميل المدرسة الى التعليم العلمي وتشجيعه
على حساب تعليم اللغة والتذوق الجمالي
حيث
لم تفلح في إعداده علميا ولاقادرا على التعبير والتواصل والتذوق.
3- طرائق
تقديم النص منمطة سطحية:خارجة عن نطاق العصر والنفس وعن نطاق
بنية
النص.
- مجافاة عمق النص من العلاقة الداخلية
بين أجزاء الخارجية من مظاهر اللغة:نحوا
وصرفا
وبلاغة وأسلوبا بمعنى إنتفاء العلاقة بين المعنى والمبني.
-
الإنحراف بالنص نحو الوعظ, وهو مايغير وظيفة النص الأدبي عن طبيعته.(1) - حصر النص في الفكرة العامة والأفكار
الرئيسة مع شرح المفردات التي تبدو صعبة.وهذه الخطوات الثابتة تجافي روح النص, وتبتعد عن مراميه
المتوخاة وهو عمل رتيب يدعو إلى السأم والنفور.
في تقديري أن مرد هذه الطريقة تعود إلى
مصدرين هما: - تأثير الفلسفة الوضعية لـ ( أوغست كونت),
وما نجم عن تطبيقاتها في مختلف
العلوم وهذا مانتبينه من مقولته:(( لما
أدرك الفكر البشري هذه الحالة الوضعية,
وعرف
أنه ليس في مقدوره الحصول على حقائق مطلقة, عدل عن البحث عن مبدأ العالم وغايته, وعن الكشف عن
الأسباب الباطنية للأشياء , وانصـرف
باستخدام
الملاحظة والإستدلال معا, على وجه حسن, إلى الكشف عن قوانين
الظواهر,
أي علاقاتها الثابتة التي لاتتغير.)) ( 2).
فكانت لهذه الفلسفة الأثر العظيم في بناء منظومة
فكرية طالت مختلف ميادين المعرفة
الإنسانية لفترة طويلة من الزمن, من نتائجها فصل العلوم عن بعضها ونحت نحو
التخصص، وكل يعمل أن يقوم بنفسه وينفرد بخصائصه
وموضوعاته التي اقتصرت على استكناه قوانين الظواهر
وترتيبها ترتيبا متسلسلا وفي ذلك البحث عن المنطق الترتيبي.
أما المصدر الثاني الذي أثر في طرائق
دراسة النص هو ما وضعته كتب اللغة الفرنسية تحت عنوان
النصوص المختارة( les textes choisies) حيث لجأت اليه فرنسا بعد الحرب العالمية
الثانية , لتسد به العجز الكبيرمن
المعلمين . واضعة فيه خطوات ثابتة, تبدأ بالفكرة العامة والأفكار الأساسية وشرح المفردات مع قليل من القواعد النحوية والصرفية مرفوقة
بتمارين,تبدأ موضوعاته بالدخول
المدرسي وما يتعاقب من فصول السنة.
وهذا مالاحظه بعض الناظرين في النصوص
عندنا كصاحب هذا القول (( قد أسرت التلاميذ في قالب منمط تتجلى في نصوص موضوعة,
أولها الدخول المدرسي وآخرها العطلة نصوص حول مواسيم الخريف والشتاء)).(3)
يفضل كثير من الدارسين استخدام مفهوم
التواصل مع النص, وهي مهمة تعسر على الطلبة نتيجة غياب الرمز الثقافي الواضح فنحن
نتعامل مع رموز فلكلورية متماهية أوغائب مدلولها مما يؤدي إلى غموض شفرة الرسالة.
من هنا تأتت ضرورة مقاربة النصوص من حيث
ماتقدمه من ثقافة يعضد به قاموس الطلبة وتوسيع دائرة معارفهم وحملها على الإنسجام الأفقي,
أي العلاقة بين معارف المواد الأخرى: التاريخ, الجغرافيا, التربية
الدينية, و المدنية, والسير والتراجيم...
التطبيق:
النموذج 1
المستوى: السنة الثانية من التعليم المتوسط
النشاط: ملف المطالعة الموجهة
النص: من الأساطير العربية
حول شخصية
النعمان بن المنذر
عرض النص على أساتذة مقاطعة من العاصمة عددهم تسعون.
تحليل عمل الأفواج:
1- السطحية : في التعامل مع المعرفة التاريخية والثقافية.
2- النمطية: احترام الخطوات المألوفة: التمهيد، الفكرة
العامة، الأفكار الأساسية، والمغزى.
3- الأحكام الجازمة: اعتبار النص من المسلمات
كيف ينبغي أن يقارب النص؟
- بعد التعريف بالأسطورة.
- هل للعرب أسطورة؟
لم تعرف العرب الأساطير، كما هو الحال عند أهل الإغريق
واليونان فللعرب خرافات,
هذا حديث خرافة، و هو ما حاد عن العقل وهو الحديث الباطل
مطلقا.
أما ما اشتهر به العرب : هي الأيام و الأخبار .
أخبارهم عن الغزو، الصيد و التحالف...
- إذا وضعنا النص في ميزان الحقيقة والخرافة فما هو الرأي
الذي ترجحه؟
الهدف التربوي:
تنمية القدرة على بناء رأي بمفهوم الترجيح.
و للتلميذ معلومات عن المناذرة والغساسنة، و ما تقوم
عليه الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية في شبه الجزيرة العربية. و هذا من
منهاج التاريخ.
و هنا تستغل المقاربة بالمشكلات في ضوء العلاقة
بالمعرفة.
- قد يرجح الرأي أن الخبر حقيقي. بدعوى أن الحياة
العربية في هذه الفترة تسودها الفوضى، القوي يظلم الضعيف، فالناس تعيش في قبائل
وعشائر متفرقة متناحرة.
و قد يرجح الرأي أنه خبر غير حقيقي، بدعوى أن الفرد
تحميه القبيلة وهو الذي يذوب فيها.
* النعمان بن المنذر يطمح أن يكون ملك العرب.
* مصالح النعمان من : التجارة و أمن المسالك و الأحلاف
توجب عليه السياسة.
* خطر الغساسنة يدعو إلى توخي الحذر والحكمة.
* النعمان ينادم شعراء العرب وهو ينشد مدحهم
الهدف: توظيف معارف التلميذ، و تنمية قدرته على الحجة.
النموذج 2
المستوى : السنة التاسعة أساسي
النشاط : المطالعة الموجهة
النص : القرد و الغيلم
للوصول إلى فكرة النص نستخدم طريقة إحصائية للمفردات
لتوزع حسب سياق التوظيف، وما تدل عليه من قيمة إيجابية أو سلبية (4) كونها مفاتيح
النص و ما تؤديه من وظائف Glossématique.
|
القيم المتبادلة
|
الإنفعال أو العواطف
|
الغذاء
|
|
- رغب (
+ )
- فجزعت ( +
)
- خفت (
- + )
- مؤاكله (
+ )
- مشاربه (
+ )
- مجالسه
( + )
- أشاور صديقي ( + )
- يا أخي
( + )
- أجازيك
( - + )
|
- أطربه
( + )
- رغب
( + )
- أنس
( + )
- ألف
( + )
- أراك هكذا
( - )
- الغذر
( - )
- يمنعني ( - )
- حرص
( + )
- حال عن مودتي ( - )
- وسوأتاه
( - )
- فرح
( + )
|
- شجرة تين
- الفاكهة الكثيرة
- كثير الأثمار
- الأغذية
|
و في المرحلة الموالية:
نلخص المسار السردي بما لم يكن التلميذ تعود إجراءه في
شكل ترسيمات إلا في المواد العلمية، فبدل أن يحدد لكل فقرة أو مرحلة بفكرة أساسية
نضعه رسما.
- و يتم وضع هذه الترسيمة عند كل تالية أو فقرة أو بعد
توزيع الأدوار على الفواعل، بجملة من الأسئلة فبدل من وضع الأفكار الأساسية تحل
محلها الترسيمة.
و كنتيجة أخيرة يصدر فيها الحكم أو نبين مغزى النص
و هذا يكون دائما من توجيه المعلم بجملة من الأسئلة تصوغ
حسب كفايتهم الموسوعية ماذا قال الفرد في الأخير؟ على ماذا بدل ذلك ؟ هل حدث للفرد
سوء من حيلة العجوز؟ لماذا ؟ الحكم : أن العقل هو القوة الدائمة بالرغم أن (القرد)
فقد مملكته (السلطة).
1- أنظر منشورات المجلس الأعلى للغة العربية، عدد خاص
بأعمال الندوة الوطنية المنعقدة 9 و 10 أفريل 2000 . ص : 106، د ، حادي البشير.
2- د، جميل صليبا المعجم الفلسفي.
3- أنظر منشورات المجلس الأعلى للغة العربية، عدد خاص
بأعمال الندوة الوطنية المنعقدة يومي 9 – 10 أفريل 2000، ص 68 – د ، محمد يحيائن .
4- أنظر مجملة اللغة و الأدب، معهد للغة و آدابها – جامعة
الجزائر. العدد ديسمبر 1999 ص : 188 إلى 191 د، عبد الحميد بورايو.
الأستاذ :
لحلوح ناصر